كشفت مصادر عسكرية لبنانية مطلعة أن إسرائيل نفذت خلال اليومين الماضيين نحو 18 ضربة جوية مركّزة استهدفت مواقع قالت إنها “إعادة تأسيس قدرات قتالية وتدريبية” تابعة لحزب الله في الجنوب اللبناني، في تصعيد بأنه الأخطر منذ بدء التوترات الحدودية.
وأشارت المصادر في تصريحات لـ “إرم نيوز” إلى أن هذه التطورات وضعت الحكومة اللبنانية أمام اختبار حاسم، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على اقتراب “ساعة الصفر” لعملية عسكرية قد تحاكي سيناريو غزة من حيث الأهداف دون الوصول إلى اجتياح بري مباشر.
وأكدت المصادر أن ساعة الصفر لاندلاع هجوم عسكري قد اقتربت، مشيرةً إلى أن استراتيجية الحرب الإسرائيلية المعتمدة ستكون وفق سيناريو غزة لن تشمل احتلال أراضٍ بل الحفاظ على المكتسبات التي سيطرت عليها، مع احتمال توسع الحيّز الجغرافي للنقاط الخمس التي تم احتلالها.
وأضافت أن العملية ستشمل القيام بعمليات خاصة على أهداف محددة في الجنوب اللبناني وكذلك البقاع دون حدوث اجتياح بري، في وقت لن تستطيع الدولة اللبنانية القيام بأي شيء، مؤكدة أن حدوث هذه العملية مسألة وقت.
ولفتت المصادر إلى أنه مع جمود المفاوضات الأمريكية الإيرانية تم حسم هذا الأمر بما يخص لبنان، مع التأكيد على أن حزب الله جهّز نفسه لكن ليس بمستوى كبير، في حين أن الدولة اللبنانية عاجزة رغم محاولة رئيس الجمهورية الضغط على إسرائيل عبر الولايات المتحدة لوقف هذه الحرب وتأخيرها على أقل تقدير.
منطقة عازلة
ورأت مصادر إسرائيلية مطلعة أن ما يحدث على الأرض هو تبني إسرائيل لاستراتيجية تجمع بين الضغط العسكري الممنهج والحرب السياسية قد تحاكي سيناريو غزة في تقاطعات كثيرة، وذلك لتحقيق أهدافها، ما يمنعها من خوض حرب شاملة.
وأضافت المصادر لـ “إرم نيوز” أن العمليات العسكرية المستمرة تهدف إلى تحقيق ما فشلت فيه الحروب السابقة، وإبعاد حزب الله عن الحدود وخلق منطقة عازلة عملياً، حتى لو تطلب الأمر عدم الانسحاب الكامل من بعض المناطق، عبر استنزاف القوات والقدرات العسكرية للحزب عبر اغتيالات القادة والضربات الدقيقة، دون الدخول في مواجهة عسكرية.
مشهد قابل للانفجار
وتعليقاً على هذه التطورات، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خالد حمادة أن الاعتداءات المستمرة على لبنان والهجمات الإسرائيلية أصبحت جزءاً من المشهد اليومي في لبنان، وقال إن هذا المشهد قابل لكل أنواع التفجير والتصعيد، لأن الموقف السياسي اللبناني متعثر، مشيراً إلى أن إسرائيل تستثمر في هذا التعثر.
وأضاف حمادة لـ “إرم نيوز” أن لبنان اليوم يعيش عزلة سياسية عن العالم العربي وأوروبا وعن الولايات المتحدة، ولا شيء على الصعيد الدولي يُبحث من أجل لبنان، ليس لأنه ليس مهماً بل لأنه وصل إلى نقطة في سياق تطبيق القرار 1701، حيث توقف عند قرارات حاسمة، وتراجع في النهاية عن الالتزامات التي قطعها، وفق تعبيره.
وأشار الخبير إلى أن إسرائيل تعتبر هذا الوضع يشكل مساحة لها لمواصلة الاعتداءات على لبنان، مؤكداً أن الأوضاع قابلة للانفجار لأن لبنان هو جزء من استقرار المنطقة، وجزء من هذا المشهد الذي يتغير، وكلما تقدمت الترتيبات التي يتم التوصل إليها فيما يتعلق بغزة، وكلما تقدم هذا الوضع، وصل لبنان إلى نقطة حرجة جداً.
وأوضح أنه “في حال أخذت التسوية في غزة مسارها الطبيعي، ترتاح إسرائيل من جبهة كانت مشتعلة، حينها يدخل لبنان بقعة الخطر المحدق، وحينها يمكن أن تذهب الضربات الإسرائيلية إلى مزيد من العمق خاصة بعد نجاح نموذج غزة ما يعني إمكانية تعميم هذا النموذج واستنساخه في لبنان مجدداً”.
وقال إن “هذا الوضع مرتبط بالناحية السياسية أيضاً من خلال توجيه الاتهام إلى تقصير الحكومة والجيش وكذلك إلى طهران وحزب الله، ما يعني رغم إمكانية التنبؤ بموعد الحرب، لكن وفق المعطيات الحالية لم يعد هناك أي وسيلة سوى الحرب”.
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن “هذا الجمود لا يمكن كسره إلا بإدخال عامل جديد يعيد ترتيب الأولويات وخلط الأوراق، وأمام هذه التغييرات الكبيرة، يصبح الحل العسكري أحد الخيارات المتاحة أكثر من سواها”.