الصفحة الرئيسيةتربية وتعليمخبر عاجلمتفرّقات

تنصيب الأب البروفسور جوزف مكرزل رئيسًا لجامعة الروح القدس – الكسليك

نظّمت جامعة الروح القدس – الكسليك مراسم تنصيب الأب البروفسور جوزف مكرزل رئيسًا سابع عشر للجامعة، في قاعة القديس يوحنا بولس الثاني، بحضور ممثل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وزير الاتصالات شارل الحاج، قدس الأب العام هادي محفوظ الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة، رئيس مجلس أمناء جامعة الروح القدس – الكسليك الدكتور بسام ديب وحشد من الوزراء والنواب والسفراء والنقباء والمطارنة وقادة الأجهزة الامنية، ومديرين عامين، وشخصيات سياسية وأمنية وديبلوماسية وقضائية ودينية وإعلامية وتربوية واجتماعية، إضافة إلى أفراد الهيئة التعليمية والإدارية.

افتتاح المراسم وصلاة

انطلقت مراسم التنصيب بموكب رسمي تقدّمه حامل الصولجان البروفسور نعمة عازوري. وقد صيغ الصولجان من خشب الزيتون، ويجسّد في تصميمه الجوانب الروحية، التاريخية، والثقافية للجامعة. يحمل على وجوهه الأربعة شعار الرهبانية اللبنانية المارونية، شعار الجامعة، صورة مبنى الجامعة الأول، وشعار الروح القدس. وكلّ منها يروي فصلًا من قصة الجامعة التي انطلقت من تواضع التأسيس نحو التميّز الأكاديمي والثقافي.

ثم بارك الاحتفال قدس الأب العام هادي محفوظ، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية بصلاة افتتاحية.

مرسوم التنصيب وتسليم الرموز

وتلا مرسوم التنصيب رئيس مجلس أمناء الجامعة د. بسام ديب. وأوضح أن المجلس، الذي أنشأه المجلس الأعلى للرهبانية اللبنانية المارونية عام 2015، يتحمّل مسؤوليات استراتيجية وحوكمية في رعاية الرسالة التربوية للجامعة وضمان استدامتها، وأن من صميم مهامه اختيار وتنصيب رئيس الجامعة.

وبناءً عليه، أعلن ديب رسميًا تنصيب الأب البروفسور جوزف مكرزل رئيسًا سابع عشر لجامعة الروح القدس – الكسليك. وقال: “بهذا التنصيب، نؤكد استمرار رسالة الجامعة، ونسلّم قيادتها لقيادة جديدة تحمل قيمها وآمالها”.

تقديم الميدالية الرئاسية

ثم دعي الرئيس العام محفوظ إلى المنصة، حيث قام الدكتور ديب، ومن خلال السلطة المخوّلة له، بتسليم الميدالية الرئاسية إلى الأب مكرزل، والتي تحمل شعار الجامعة ومواهب الروح القدس السبعة: الحكمة، الفهم، المشورة، القوّة، المعرفة، التقوى، ومخافة الله. وقال: “بهذه الميدالية، نضع بين يديك مسؤولية صون معارف الجامعة ومواردها وتراثها”.

ميداليات تكريمية

كما كرّم الرؤساء السابقون للجامعة الذين ساهموا في رسم إرث الجامعة. فقدم الأب مكرزل ميداليات تكريمية لهم، تقديرًا للإسهامات القيّمة التي مهّدت رؤيتهم وقيادتهم الطريق أمام نجاح الجامعة المستمر ومستقبلها المشرق.

كلمة الأب البروفسور مكرزل

ثم ألقى الأب البروفسور مكرزل كلمة قدّم فيها عرضاً عن تاريخ الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، وصولاً الى تأسيس الجامعة التي تحتفل اليوم بمرور ٧٥ سنة على افتتاحها. وقال: “هذه الجامعة التي لم يقتصر التميّز فيها على العمل الأكاديمي؛ بل اختارت وجهةً تجمع بين التراث والابتكار. بالتوازي، قاد الرّهبان في جامعة الكسليك نهضةً ليتورجيّةً مارونيّةً في الشّعر والطقوس والموسيقى والفن الكنسي. كما أطلقت الجامعة دراسات وندوات حول تاريخ لبنان، والتعدديّة، والبيئة، والحياد، والهجرة، والذاكرة الوطنيّة، فكانت الجامعة ملتقى الأفكار الكبرى”.

وأضاف: “عندما اندلعت الحرب عام 1975 وتكررت دورات التهجير والقتل والدّمار، فتحت الكسليك قاعاتها وغرفها وساحاتها حفاظًا على كرامة الإنسان الـمبعد عن بيته. لم نسأل الهاربين: إلى أي طائفة تنتمون؟ سألناهم: هل أنتم بخير؟ ومن قلب الدّمار، وتحت القصف، استمر التعليم والتقدّم. تأسست كليّات جديدة، وتوسعت الشّراكات مع جامعات العالم، وحصلت برامجنا تباعًا على اعتمادات علميّة دوليّة، وأبدع خرّيجونا في كل أنحاء العالم”.

ولفت إلى انه “رغم الأزمة الماليّة التي عصفت بلبنان وجائحة كورونا، استمرت جامعة الرّوح القدس في خدمة طلاّبها، وهي تفتخر بأنّها كانت—على الأرجح— الجامعة الوحيدة التي أبقت أقساطها كما هي، وباللّيرة اللّبنانية، طوال فترة الأزمة، فسمحت بذلك لعدد كبير من الطلّاب بمواصلة تحصيلهم الأكاديمي بلا انقطاع. وكل ذلك ينسجم تماماً مع قناعات الرّهبانيّة اللّبنانية المارونيّة التي وضعت نصب عينيها وفي جوهر رسالتها الإنسان الموجوع والمحتاج”.

وتابع الأب مكرزل: “اليوم تمتاز جامعة الروح القدس بأنها من بين الجامعات الأكثر تأثيرًا في لبنان، وهي تعتمد النظام الأميركي لحوكمة التعليم العالي، يؤازرها مجلس الرئاسة العامّة في الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة وتسهم في دعمها تضحيات جميع الرهبان في الجامعة وخارجها، ويساندها مجلس أمناء ذو خبرة أكاديميّة واقتصاديّة، وتدعمها مؤسّسة في الولايات المتّحدة تعنى بتنمية الموارد. لقد حصلت الجامعة على أعلى نقاط في مجال الأبحاث بحسب تصنيف SCImago 2025، كما ربحت أكثر من جائزة في مجال البيئة، وتقدّمت شراكاتها مع القطاع الخاص تقدّمًا ملحوظًا، إضافةً إلى تأسيسها مركز Acher Center لتمكين مهارات الطلاّب، وإطلاقها الشهادات العمليّة ضمن برنامج كارلوس غصن، وغيرها من المبادرات الأكاديميّة. ولا بد من التنويه بالاعتمادات الدوليّة التي حصلت عليها الجامعة على مستوى فاعليّتها المؤسّسيّة وجودة برامجها الأكاديميّة. كما أشارككم فرحتنا بأننا نسير بثبات نحو التقييم النهائي لاعتماد NECHE لا بوصفه غايةً بحد ذاته، بل شهادة جودة على حوكمة رصينة، وتدريس فعّال، وأبحاث متميّزة، وخدمة للمجتمع”.

وتوقّف الأب مكرزل عند الدور الوطني للجامعة، فقال: “لم تكن الرهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة يومًا بعيدةً عن هموم الوطن، ولم تكن الكسليك يومًا إلّا حاملةً للقضيّة اللّبنانيّة. واليوم، في خضم التحوّلات الإقليميّة والدوليّة وفي عصف التجاذبات المحليّة حول هويّة الوطن وجدوى نظامه السياسي والحسابات الانتخابيّة المهيمنة، لا بد من أن تكون لجامعة الكسليك مساهمة أساسيّة في رسم المسار الأفضل لمستقبل لبنان ومواطنيه”.

وأضاف: “هل نستمر في لبنان على ما نحن عليه؟ ألا يهمنّا أن نحافظ على ما تبقى من وطن؟ ألا يعنينا أننا أصبحنا دولةً تصدر الهجرة، والمبادرات الناجحة، وأدمغةً لا تبدع إلّا في المغتربات؟

ماذا يفيدنا لو ربحنا كل الانتخابات، وكل المقاعد النيابيّة، وكل المقاعد الوزاريّة، وكل المراكز والتنفيعات، وخسرنا لبنان؟ هل بالإمكان أن نأخذ استراحةً قصيرةً، بعيدًا عن الصّراع على السلطة، ونلتقي حول الجمهوريّة، لنصوغ معًا مستقبلاً يشبه أحلام أولادنا؟”

وأكد: “أبواب جامعة الكسليك مفتوحة لأي مبادرة في هذا الاتّجاه، لأي لقاء يبغي العيش معًا، لأيّ خطّة تبغي الأفضل لمستقبل وطننا. لا تابوهات في الحوار، ولا عقدًا في التفكير عاليًا، ولا خطوطًا حمراء تمنع اللقاء. المهم أن نحافظ على بلدنا، المهم أن نكون نحن المبادرين وليس المتلقين، المهم ألّا يظل أولادنا حقيبة سفر”.

وختم الأب مكرزل: “لسنا نعد بالمعجزات؛ لكن نعلم جيّدًا أننا بإيماننا وتضامننا جميعًا نستطيع مواجهة التحديات والتغلّب عليها. لسنا أغنى جامعة؛ لكن لدينا أغنى رسالة: طلابنا، وتراثنا، والوطن لبنان. لسنا نملك كل الأجوبة؛ لكن لدينا شجاعة طرح الأسئلة الصحيحة. نعدكم… سنربّي الإنسان المواطن… لأنه رسالتنا. نعدكم… سندافع عن الحقيقة والحرية… لأنها كرامتنا. نعدكم… سنكتب اسم لبنان عاليًا… لأنه بيتنا وقضيّتنا”.

كلمة ترحيبية

وتخلل الاحتفال كلمة ترحيبية لمديرة مكتب رئيس الجامعة، الدكتورة ليا يحشوشي قالت فيها: ” في هذا اليوم التاريخي، لا نحتفل بمنصب، بل نؤكد التزامًا مشتركًا: الرئاسة ليست دورًا فرديًا بل ثقة جماعية، تمارس بالشراكة مع مجتمع الجامعة بكل أطيافه. حضوركم اليوم شهادة على مسيرة بنيت على قيم الشجاعة والإبداع والرحمة، لا على الأبنية والبرامج فحسب”.

كلمات من مختلف شرائح مجتمع الجامعة

كما شهد الاحتفال كلمات مؤثرة من مختلف شرائح مجتمع الجامعة، استهلّت بكلمة للطالبة كارن عازار من كلية الآداب والعلوم باسم الطلاب عبّرت فيها عن امتنانها وسعادتها في هذا اليوم الخاص

وألقت مساعدة أمين مكتبة الجامعة إلهام عبدالله كلمة باسم موظفي الجامعة، وصفت فيها الأب مكرزل بـحارس الذاكرة وصانع الرؤية، وقائد ملهم، دقيق، ومبدع. وأشادت بتجربته في إدارة مكتبة الجامعة، التي تحوّلت في عهده إلى مركز بحثي متطوّر يحتضن أرشيفًا نادرًا ومخطوطات ثمينة.

وأشادت أستاذة الأدب والتحليل النفسي التطبيقي البروفسورة نيكول شلهوب باسم الأسرة التعليمية بالدعائم الإنسانية التي قامت عليها الجامعة، وبقدرتها على الجمع بين الجذور والتجديد، مبرزة غنى رأس مالها البشري، وحيوية رسالتها التعليمية المنفتحة على العالم بثلاث لغات.

وفي كلمة باسم الخرّيجين، عبّر المهندس المعماري أنطوان شعيا عن امتنانه العميق لجامعته الأم، التي شكّلت نقطة انطلاقه نحو مسيرة مهنية عالمية. وأشاد بالرئيس الجديد، صديقه القديم، واصفًا إيّاه برجل الثقافة والابتكار.

وباسم أصدقاء رئيس الجامعة، تحدث الإعلامي جورج غانم الذي أثنى على “اندفاع الأب مكرزل إلى اقتحام تحدّي رئاسة الجامعة في مرحلة تحوّلات جذرية في العالم ولبنان ومحيطه ومجتمعه الذي يتلمّس طريق النجاة من كوارث ومآس وانهيارات السنوات الأخيرة”، معتبرًا “أنه أراد أن يثبت أن المستحيل بالنسبة إليه، هو الممكن الطموح”.

فقرات موسيقية تنبض بالأصالة
وأضفت جوقة الجامعة، بقيادة الأب البروفسور ميلاد طربيه، نفحة روحيّة وفنية على الاحتفال من خلال فقرات موسيقية راقية، تنوّعت بين تراتيل سريانية عابقة بالروحانية، ومقطوعات موسيقية آسرة، وأغان لبنانية أصيلة.

حفل استقبال وختام الاحتفال

واختتمت الأمسية بحفل استقبال جمع الحاضرين في أجواء من الفخر والتفاؤل بمستقبل مشرق للجامعة تحت قيادة الرئيس الجديد.

رموز تجسّد القيم والرسالة

هذا وشهد احتفال التنصيب لحظات مؤثّرة وغنيّة بالرموز التي عكست هوية جامعة الروح القدس – الكسليك، ورسالتها الثقافية والروحية الممتدّة من التراث إلى المستقبل.

واختتم الاحتفال بعرض طائرات مسيّرة سردت قصة الجامعة في السماء من خلال صور مضيئة: الشعلة، والحمامة، والكتاب، وشعار الجامعة بألوان العلم اللبناني، في مشهد جمع بين الحداثة والتقاليد.

وفي ختام هذا اليوم التاريخي، حملت الجامعة وعدًا واضحًا للمستقبل: أن تبقى منارة للعلم والقيم، تنسج من التراث والابتكار مستقبلًا يليق بلبنان والعالم.

زر الذهاب إلى الأعلى