الصفحة الرئيسيةخبر عاجلدراسات ومقالاتمتفرّقات

حراك “الاعتدال” بين الوقت الضائع والرئيس المفقود

حراك “الاعتدال” بين الوقت الضائع والرئيس المفقود

رضوان عقيل-“النهار”

لا أحد يحسد أعضاء “كتلة الاعتدال الوطني” على الدور الذي يعملون عليه في تقريب مسافات انتخابات رئاسة الجمهورية المعطلة بين الكتل النيابية. وما عجز عنه أركان الأقطاب والرؤوس السياسية الكبرى وقبلهم أعضاء المجموعة “الخماسية” لا يمكن للمجموعة النيابية الشمالية التي لا تستفز أي جهة أن تحدث بسهولة مفاجأة من العيار الثقيل وتؤدّي حصيلة مبادرتها الى انتخاب رئيس بعد كل هذه الأشهر من الفراغ الرئاسي. ولا أحد يشكك في النيّات والمنطلقات الإيجابية التي تعمل عليها “الاعتدال” وهي تتنقل وتجول على الكتل والنواب المستقلين لتحقيق رؤية حضور ما لا يقل عن ثلثي عدد النواب في القاعة العامة ومشاهدة صندوقة الاقتراع تدور على النواب للقيام بأول الواجبات الدستورية منهم لانتظام عمل سير المؤسسات في بلد يشارف على الانهيار.
قبل أسبوعين نضجت ورقة “الاعتدال” وسارع نوابها الى إبلاغ الرئيس نبيه بري أولاً بمندرجاتها لأنهم يعرفون سلفاً أنه من دونه لا يمكنهم تحقيق ما رسموه على الورق. وتلقوا من رئيس المجلس التأييد بعد سلسلة من الدعوات للحوار التي أطلقها والتي لم تلق المقبولية عند أبرز الكتل المسيحية. وشكلت “القوات اللبنانية” رأس الحربة في عدم التلاقي مع رؤية بري ولم يتجاوب معها “التيار الوطني الحر” كما يجب. ويستعمل نواب “الاعتدال” عبارة المشاورات بدل طاولة الحوار التي تثير جملة من الحساسيات عند أكثر من نائب، وباشروا في إجراء الاتصالات المطلوبة التي لاقت تشجيعاً من مختلف الجهات النيابية التي التقوها حيث سمعوا منها أجوبة مرحبة لكن العبرة تبقى في امتحان التطبيق حيث يجري العمل على جمع ما لا يقل عن 86 نائباً لتأمين نصاب أي جلسة.
وأبلغ بري “الاعتدال” بأن أعضاء كتلة “التنمية والتحرير” لن يتغيّبوا عن هذه الدعوة التشاورية التي تعمل على الحصول على أكبر نسبة من النواب والتعهد بعدم تطيير جلسة نصاب الانتخاب المنتظرة ونزع هذا “السلاح” من أي كتلة الذي يلوّح به أكثر من فريق ومن ضفتي البرلمان. ويجري العمل على أن تخرج هذه المشاورات بإمكان التوصّل الى اسم أو أكثر والنزول بها الى جلسة الانتخاب من دون استبعاد أي من الأسماء المرشحة المطروحة على أن يكون حسم الاسم الفائز في صندوقة الاقتراع.
في غضون ذلك يكرر أعضاء الاعتدال” أنهم لم يتلقوا أي إشارة في مبادرتهم هذه من السعودية ولا أي من أعضاء “الخماسية” ولا يعترضون في حال تلاقيهم مع المجموعة. ويمكن تلخيص هذه المحاولة وفق الخريطة الآتية إذا كتب لها التطبيق على أن تبدأ بالجولات التي يقومون بها وأن يعمدوا بالتنسيق مع النواب الى تحديد يوم المشاورات مع طرح أن تكون برئاسة أصحاب المبادرة. وهناك اقتراح أن تكون الدعوة لهذه المشاورات باسم “الاعتدال” أو استخدام عبارة “تداعى النواب”. ومن المقترح أن تكون هذه المشاورات في يوم واحد لا أكثر بدل الأيام السبعة الحوارية التى نادى بها رئيس المجلس، ثم يعمد النواب الى غربلة الأسماء المطروحة والحصول على تعهد بتأمين النصاب. وبعد إتمام الجزء الأول من هذه المبادرة – إذا حصلت – والإعداد لها يتوجهون بحصيلتها الى بري ليحدّد موعداً لجلسة الانتخاب.
في موازة ذلك ورغم تلقي “الاعتدال” كلاماً معسولاً من أكثر من جهة فإن المعطيات في واقع البرلمان وانقساماته العمودية لا تشير حتى الآن الى اقتراب جلسة الانتخاب الموعودة وسط هذا الكم من الخلافات بين الأفرقاء وانعدام أبسط مناخات الثقة حتى بين الحلفاء أنفسهم. ولذلك يتوقع أكثر من نائب أن حراك “الاعتدال” لن يصل الى انتخاب رئيس بسهولة وسيكون لهذه المجموعة النيابية شرف المحاولة لا أكثر سوى إشغال اللبنانيين وتعبئة الوقت الرئاسي الضائع.
ويعترف أكثر من نائب بصعوبة مهمة “الاعتدال” نتيجة جملة من الضغوط والمشكلات الداخلية والمعطيات الخارجية في المنطقة وأبعد منها لا تساعد كلها على انتخاب رئيس الجمهورية اليوم. وتبقى المسألة التي تشغل “الاعتدال” وسواها من الكتل الى النواب “التغييريين” والمستقلين الى قواعدهم الانتخابية المواكبة لهذا الحراك هو غرقهم جميعهم في مسألة الجلسات المتتالية أو المفتوحة لأن نواب المعارضة ولا سيما من “القوات” والكتائب و”تجدّد” يطالبون بضرورة تفرغ المجلس لمهمة انتخاب الرئيس وعدم القيام بأي نشاط آخر في أي جلسة عامة سوى انتخاب رئيس الجمهورية لا غير. ويأتي الرد على هؤلاء من الذين لا يلتقون بالطبع مع الطرح وهو أنهم لا يعارضون التئام جلسات متتالية شرط أن يقفل رئيس المجلس محضر كل جلسة بهدف عدم منع البرلمان من عقد جلسات تشريعية لأن الخشية من “المفتوحة” أن تمنع التشريع لأنه على سبيل المثال يمكن للرئيس بري أن يقفل محضر أي جلسة انتخاب إن لم تؤدّ الى انتخاب رئيس وأن يقدم في الدقيقة نفسها للقفل على فتح جلسة تشريعية بوجود 65 نائباً وليس 86 أي الثلثين وتحتاج المتتالية ولو استمرت ساعات عدة ولأكثر من جولة حيث لا مفر من الإبقاء على الرقم الأخير في أي جلسة وتحت فضاء القاعة العامة، بمعنى آخر لا يمكن البدء بأي جولة انتخاب بوجود 85 نائباً، لأن ثمة من “يفسّر” الجلسات المفتوحة بإمكان انتخاب رئيس بحضور 65 نائباً. وبعدما رحّب الكل بمضمون المبادرة تبقى الخشية من الشكليات القادرة على تطيير كل هذه المساعي.
ينطبق على حراك كتلة “الاعتدال” ومبادرتها أن النظرات والابتسامات والسلامات النيابية كلها متوفرة بين الأفرقاء إلا موعد انتخاب الرئيس لا يمكن لأي جهة حسم توقيته حيث كأنه ممنوع على النواب واللبنانيين نيل هذا الترياق بعد.

زر الذهاب إلى الأعلى